يسمى جني المريجة نسبة إلى منطقة المريجة الواقعة في حي الغرب في الشارقة القديمة، وهو جني خاص ارتبط اسمه باسم المنطقة لأنه دأب على الظهور فيها فقط. ورغم ارتباطه بحي واحد في منطقة واحدة، وارتباطه بسكان ذلك الحي، إلا أنه لم يكن معهم على علاقة ود أبدا، بل علاقة خوف ورعب، وداوم على إلحاق الضرر بهم.
يوصف بأنه متجسد بهيئة إنسان، رأسه أحمر كثيف، وعيناه مقلوبتان مثل عيون القطط، شعره كثيف مسترسل عكس اتجاه التسريح ولونه أحمر، حجمه صغير كأنه طفل، يظهر عاريا بشكل دائم.
تقول إحدى الراويات: أعتقد بأن أخي أكثر إنسان عانى من (جني المريجة) فآثار ذلك الجني اللعين لاتزال واضحة على أخي.كنا نسمع بأن جنياً صغيراً يعيش بشكل دائم في أنحاء المريجة، وأن له أفعالاً مشينة وأخرى مرعبة مع الناس، وأنه جني نهاري يداوم على الخروج في فترات الظهيرة والقائلة حتى يكون واضحا للعيان. لكن ما كان شائعا أيضا، أن جني المريجة لم يكن يتعرض لأهل المريجة بل لغيرهم ممن يعرف بأنهم أغراب عنها، لذا فإن أهل المريجة كانوا يأمنون هذا الجانب.
ومرت الأيام والشهور والسنين، وبالفعل لم يتعرض جني المريجة لأحد من أهالي المريجة، لكن في يوم من الأيام، لن تنساه أسرتنا أبدا، كان أخي خارجا من بيتنا ذاهبا إلى بيت أقاربنا في الناحية الأخرى من الحي، وبينما هو ينتقل من سكة (زقاق) إلى سكة فإذا به يفاجأ في السكة الأخيرة بجني المريجة، على هيئة مرعبة تماما، فقد رآه ولدا صغيرا قبيح المنظر، عارياً من الملابس، شعر رأسه أحمر كثيف ومسترسل عكس اتجاه التسريح، وعيونه مقلوبة، كأنها عيون قطط. وليس هذا الوصف فقط الذي أرعبه لكن المرعب كان وجود النصف العلوي لجني المريجة بارزا والنصف الآخر مختف في الأرض بما يوحي بأنه خرج من باطن الأرض للتو.
تقول الراوية: هذا المنظر شكل صدمة كبرى لأخي لم يستطع تحملها أبدا، كما لم يكن ليتحملها أي إنسان آخر، فما كان منه إلا أن وقع على الأرض مغشيا عليه، وظل في مكانه تحرقه الشمس وتلهبه الحرارة والرطوبة لساعات طويلة حتى مر بعض الناس من تلك السكة فحملوه إلى بيتنا، وقد فوجئنا بمنظره كثيرا، لأنه كان أشبه بمنظر الأموات، حيث كان شاحباً أصفر اللون وجسمه بارد.
الأدهى من ذلك أن جميع المحاولات لم تجدي في إفاقة أخي، لقد ظل غائبا عن الوعي تماما، وتوالى المشايخ وأهل الدين على بيتنا محاولين قراءة القرآن عليه عله يصحى لكن دون جدوى، فلم يكن هناك بصيص من أمل.
يئسنا من شفاء أخي، ونحن لا نعلم أهو حي أم ميت، فالإشارة الوحيدة التي تدل على حياته، بعض أنفاس تخرج منه، وتنهيدات طويلة من حين الى آخر، وكأن لسان حاله يقول، متى الخلاص يا رب بالموت. أما سوى ذلك فلم يكن يفعل شيئا، فهو لا يفيق ولا يأكل ولا يشرب.. ولا يتحرك.
بعد أيام طوال عشناها في هذه الحال الكئيبة، طرق بيتنا طارق، وكانت عنده البشرى، وهي أن جدة "قوم الدسيس" تقول إن لديها العلاج. بالفعل جاء الرجال وحمل أخي حمل الأموات إلى بيت قوم الدسيس، وهناك طرح في إحدى حجر البيت، ثم جاءت العجوز "جدتهم" وقالت فليخرج الجميع من هنا، وليخرج من البيت كل نجس، وظلت معه لبضع دقائق ثم سمعنا صرخة عالية، بعدها بدقائق أيضا خرجت جدة قوم الدسيس، وقالت “خذوا ولدكم”، فذهب والدي “رحمه الله” إلى تلك الحجرة، فوجد أخي جالسا في الغرفة وقد فتح عينيه وهو يتمتم ببعض الكلمات ويذكر الله ويحمده ويستغفره ، هب والدي واحتضن أخي ثم رفعه من وضع الجلوس وخرج به من بيت قوم الدسيس، وسط تكبير الناس وفرحهم.
واليوم وبعد مرور أكثر من أربعين سنة، ما زال أخي يحمد الله ويشكره، بل لاتزال تأخذه قشعريرة حينما يتذكر ذلك اليوم الرهيب الذي لن ينساه مدى الحياة.