المدفع الرقاص أطلق على مدفع قديم كان يهتز ويتحرك دون ان يمسه احد.. أطلق الرواة عليه هذا الإسم للإشارة إليه وهو يرقص طربا وفرحا إذا ما أطلقت منه الطلقات ،، وكما هو معروف بأن المدافع الثقيلة تهتز بعنف إذا ما أطلقت منها الطلقات ..
كان المدفع الرقاص متوسط الحجم .. رشيق الصنع ، فوهته طويلة ، وهو مصنوع من الحديد ،، مثبت على قاعدة خشبية بها عجلات خشبية ايضا ،، وقد طوقت القاعدة والعجلات بأحزمة من حديد مثبتة بمسامير غليظة.
يروى ان الرقاص كان مدفعا عاديا كباقي المدافع في الشارقة ، وكانت توزع المدافع على جبهات القتال المختلفة ،، تؤدي خدمتها وفق تخطيط معين ومحكم اعد لذلك
كان أهل الشارقة ذلك الزمان متفاءلين بالمدفع الرقاص دون سواه من المدافع ،، وكانوا يصرون ان يكون ضمن العدة والعتاد الذي يصطحبونه الى المعركة، ويجمع الرواة ان ما من معركة دخلها الرقاص إلا وانتصر فيها ،، فشاع صيت المدفع في جميع ارجاء البلاد وصار الرقاص حديث المجالس ،، وبدأ الناس يتوافدون لرؤيته من كل حدب وصوب ،، والاطفال إذا ما مروا بالقرب منه مسحوا عليه بايديهم الصغيرة تعلوهم الفرحة العارمة ..
وحدث بعد ذلك، أن المدفع الرقاص انغرس في قاعدته وكأنه الصق بقاعدة اسمنتيه. و حينما هم المحاربين لسحبه من مكانه أمام الحصن إلى أحد المواقع فإذا به لا يتحرك ،، حاولوا مرارا وتكرارا لكن دون فائدة ،، كأنه جبل أصم . أخذ الناس يتهامسون بأن الجن قد تلبس الرقاص ،، وسرت شائعة قوية تقول بأن الرقاص لن يتحرك من مكانه ما لم يسمع طربا ،، فاجتمع الخلق من كل حدب وصوب وبدأوا يدقون الطبول وينشدون الاهازيج و القصائد التي تتغنى بامجاده وذكره ،، وفجأة تحركت عجلاته ،، ففرح الجميع بذلك وبالفعل تحرك الرقاص في ذلك اليوم وخاض معركة رهيبة فأبلى بلاءا حسنا ،، ولكنه عاد وكرر فعلته التي فعلها وابى الا يتحرك إلا بقرع الطبول ،، لكن الناس لم يحتاروا هذه المرة فجلبوا له النساء والرجال ليطربوه.
تروي احدى السيدات عن تلك الأيام وتقول بأن الرقاص كان يتحرك ويهتز دون ان يمسه احد وكأنه بالفعل تسكنه الجن وذكر راو آخر أنه إذا أردنا جر الرقاص من مكان الى آخر ، نقوم بجره كما نجر شراع السفينة ،، باغان واهازيج لتطرب المدفع الرقاص ويؤدي مهمته المنشودة ..