عواء ذيب

مقروءة (نص)
نشرت منذ 2458 يوم - الفئة : تراث
386 1

إدارة الموقع

من أصعب الأمور التي كانت تصيب المجتمع العربي عموماً والبدوي خصوصاً هي أن يقع خلاف بين قبيلتين بينهما صهر ونسب فتنقطع الأنساب ويتحطم الصهر ..

فحرب داحس والغبراء تلك التي جرت بين بكر وتغلب واستمرت لمائة عام كان كليب فيها صهراً لجساس .. وهمام صهر أبو ليلى المهلهل ..

وإذا كانت أشعار حرب البسوس قد نقلت إلينا أسماء أبطالها فإن هناك قصة جميلة جرت على أرضنا الطاهرة ولكن قلة التوثيق وقلة الرواة جعل أسماء الأبطال تطيش بين صفحات الزمن فلم تُنقل إلينا .. ولكن نُقلت إلينا تلك القصة الجميلة التي حصلت لدى بعض الأوليين في أيام قديمة خلت ..

اختلفت القلوب ودخل الشيطان بين قبيلتين من قبائل الصحراء .. وعلت صيحات الحرب فيها على صيحات العقل والحكمة .. وكان أن أحداً من العشاق تزوج من امرأة يحبها من القبيلة الأخرى .. ولكن حين قُرعت طبول الحرب جاء أخوتها فأخذوها منه وألحقوها بمضاربهم ..

بقي الزوج والزوجة المحبين ينظر كلٌ منهما إلى القمر في الصحراء ويفكر بصاحبه دون أن يعرف له سبيلا .. إلى أن خطر للزوج أن يُحدث إحدى العجائز في قبيلته ويطلب إليها أن تذهب للقاء زوجته في القبيلة الأخرى وتتفق معها على خطة للقاء كان قد أعدها مسبقاً ..

ذهبت العجوز للقاء زوجته وفوجئت بأن الزوجة وافقت مباشرة .. وكأن أيام البعاد أزالت خوفها من إخوتها فقررت المخاطرة والخروج إلى الصحراء كما تقضي الخطة .. وانتظار سماع صوت العواء ثلاث مرات لتستدل منه على موقع زوجها في الصحراء وتقضي الليل معه وفي أحضانه قبل أن تعود إلى مضارب أهلها .. واستمر الحال كذلك حتى بدت على المرأة آثار الحمل .. وهو أمر كبير عند عرب الصحراء لإمرأة غائب عنها زوجها .. فقرر إخوتها قتلها غسلاً لعارهم ما أجبرها على الإعتراف بأنها بريئة ولم ترتكب ذنباً إلا انها كانت تقابل زوجها سراً ..

ارتاح الأخوة لهذا التفسير فهي وإن عصتهم إلا انها لم تلطخ سيرتها وشرفها .. إلا أن أحدهم أراد التأكد من ما روته فتنكر وذهب إلى مضارب قبيلة الزوج ودخل على مجلس يؤمه أهل الزوج .. ولم يعرفه أحد منهم .. وادعى بأنه شاعر متجول .. وطلب ربابة لكي يغني لهم ويطربهم .. فاستطابوا الأمر وأحضروا له ربابة .. فأنشد قائلاً وهو ينظر إلى الزوج بعينين ثابتتين :


يــا ذيـــب يللــي تالـي الليـل عويــت

ثــلاث عوياتـن على سـاق وصـلاب


سايلــك بالله عقبـــها ويـــش سويـــت

يـــــوم الثـريا راوسـت والقمـر غـاب

 

فزع الزوج حين سمع هذه الأبيات وفي لحظة واحدة بطبيعة البدوي اللماحة وفطرته السليمة فهم الأمر وعرف من هو الشاعر .. وخاف من أن يرتكب الأخوة حماقة يندم ويندمون عليها فيما بعد .. فطلب الربابة بسرعة وأعد أبياتاً وأنشدها وهو ينظر إلى الأخ نظرات ذات معنى .. ويقول :

 

أنا أشهــــد إني عقــب جوعي تعـشيـت

وأخـذت شاة الذيــب من بيـن الاطنــاب

علــــــى النقــا وإلا الـردى ما تقهـويـت

وادو حلالـي يــــــا عريبيــــن الأنسـاب

 

ورأى الزوج الراحة والإطمئنان في عيني الأخ ، الذي عرف بأن أخته لم تكذب ولم تكن امرأة سوء .. فاستأذن وخرج .. وعاد إلى أهله .. واتفق الأخوة على إعادة شقيقتهم المحبة إلى زوجها .. وألحقوها به في اليوم التالي ..


منقول: من الإنترنت بقلم عبدالله الشويخ

 

 

الاطلاع على قصص اخرى من

قصص وعبر من جميع الاصناف تحاكي الروح وتبث الهمم.

0 استجابة

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ عن التركيز على الشكل

ما رايك

اكتب اسمك هنا
كتابة البريد الالكترونى الخاص بك
اكتب تعليقاتك
لن يتم نشر بريدك الالكترونى

أكتب قصتك الان

اكتب قصصاً عشتها أوسمعت عنها. اكتشف عالماً من القصص والعبر. شارك حكايا الروح.

ابدا الان ←