قرية داريا

مقروءة (نص)
نشرت منذ 2758 يوم - الفئة : تاريخية
413 2

إدارة الموقع

في أواخر عهد حكم ﺍﻷﺗﺮﺍﻙ ﻓﻲ ﺳﻮﺭﻳﺎ ، ﺳﻠَّﻂ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺍﻟﺠﺮﺍﺩ ﻋﻠﻰ ﻣﺰﺍﺭﻉ ﻭﺯﺭﻭﻉ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺣﺘﻰ ﻟﻢ ﻳﺒقى ﻋﻮﺩاً ﺃﺧﻀﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻼﺩ يؤكل . ﻓﻠﻘﺪ ﻫﺠﻤﺖ ﺃﺳﺮﺍﺏ ﺍﻟﺠﺮﺍﺩ ﺑﺄﻋﺪﺍﺩ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﺟﺪﺍً حتى شكلت ﺳﺤﺎﺑﺔً سوداء حجبت خيوط الشمس .. أخذ الجراد يتنقل بين مكان وآخر ملتهما ﺍﻷﺧﻀﺮ ﻭﺍﻟﻴﺎﺑﺲ بنهم ﺣﺘﻰ ﻟﺤﺎﺀ ﺍﻟﺸﺠﺮ ، قضى على المزارع والمحاصيل ولم يبقي شيئا للناس يؤكل، فأصاب الناس مجاعة ﻛﺒﻴﺮﺓ ...

ﻭفي أحد الأيام، هرع ﺃﺣﺪ ﺍﻟﻤﺰﺍﺭﻋﻴﻦ ﺑﻘﺮﻳﺔ ﺩﺍﺭﻳﺎ ﻗﺮﺏ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺩﻣﺸﻖ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﺮﺍﻳﺎ ﻳﺸﻜﻮ ﻣﺰﺍﺭﻋﺎً ﻓﻲ ﺑﻠﺪﺗﻪ ﺑﺤﻮﺯﺗﻪ ﻧﻮﻋﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺒﻴﺪﺍﺕ ﺍﻟﻘﺎﺿﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺮﺍﺩ ﻗﻀﺎﺀً ﻣﺒﺮﻣﺎً ﻭﻟﻢ ﻳﻌﻂِ ﻣﻨﻪ ﺃﺣﺪﺍً ، ﺃﻭ ﻳُﻌﻠﻢ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻟﺘﺄﻣﻴﻨﻪ ﻟﻠﻤﺰﺍﺭﻋﻴﻦ ، ﻭﺩﻟﻴﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺑﺴﺘﺎﻧﻪ ﺍﻷﺧﻀﺮ ﻭﺃﺷﺠﺎﺭﻩ ﺍﻟﻤﻮرﻘﺔ ﺍﻟﻮﺍﺭﻓﺔ ﺍﻟﻈﻼﻝ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﻳﻘﺮﺑﻬﺎ ﺍﻟﺠﺮﺍﺩ ، حتى أن ثماره لا زالت ﻣﺘﺪﻟﻴﺔ وﻭﻓﻴﺮﺓ بأعناب ﻏﺎﻳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻮﺩﺓ ﻭﻃﻴِّﺐ ﺍﻟﻤﺬﺍﻕ .

اندهش الضابط المسؤول ﻭﺍﻣﺘﻄﻰ ﺣﺼﺎﻧﻪ ﻭﺗﺒﻌﻪ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ شرطة ﺍﻟﺪﺭﻙ ﻟﻠﺘﺤﻘﻴﻖ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ ﻭﺍﻟﺘﺄﻛُّﺪ ﻣﻦ ﺻﺤﺔ ﺃﻗﻮﺍﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺰﺍﺭﻉ ، ﻭﺍﻧﻄﻠﻘﻮﺍ ﻣﻊ ﺍﻟﻮﺍﺷﻲ ﺇﻟﻰ ﻣﻜﺎﻥ ﺍﻟﺒﺴﺘﺎﻥ ، ﻭﻋﻨﺪ ﻭﺻﻮلهم لبستان ذلك الرجل، لم يصدقوا أعينهم وهم يرون أﺷﺠﺎﺭاً خضراء ﻭثمار يانعة ﺗﻤﺎﻣﺎً ﻛﻤﺎ ﻭُﺻﻔها الواشي ﻟهم ، ﻓﻄﻠﺐ الضابط حضور ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﺒﺴﺘﺎﻥ ، ﻭﺣﻴﻦ ﺣﻀﺮ ، ﺛﺎﺭ ﻋﻠﻴﻪ الضابط بشده ملوحا بسوطه من شدة الغضب صارخا فيه:

-ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺗﻜﺘﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻭﺍﺀ ﺍﻟقاضي على الجراد ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺰﺍﺭﻋﻴﻦ .. لما ﻟﻢ ﺗُﻌﻠﻢ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ بهذا حتى نؤمنه ﻟﻠﻤﺰﺍﺭﻋﻴﻦ ، أيها ﺍﻷﻧﺎﻧﻲ عديم الإنسانية! ﻳﺎ ﻭﻳﻠﻚ ﻏﺪﺍً من ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻱ ﺍﻟﻠﻪ.

فرد عليه صاحب البستان بهدوء قائلاً:

-ﺳﻴﺪﻱ ﺍﻟﺪﻭﺍﺀ ﺍﻟﺬﻱ أﺳﺘﻌﻤﻠﻪ ﻛﻠّﻬﻢ ﻳﻌﺮﻓﻮﻧﻪ ﻭﻻ ﻳﺴﺘﻌﻤﻠﻮﻧﻪ ، ﺑﻞ ﻳﺮﻓﻀﻮﻧﻪ ﺑﺎﺯﺩﺭﺍﺀ ...

فتعجب الضابط من رده ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺟﻤﻬﺮﺓ ﻣﻦ ﺃﻫﺎﻟﻲ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ ﻭﻭﺟﻬﺎﺋﻬﺎ ﻗﺪ ﺗﺠﻤَّﻌﺖ حولهم، ﻓﻨﻈﺮ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﺿﺎﺑﻄُﻨﺎ، ﻭﺇﺫﺍ ﺑﻬﻢ ﻗﺪ ﻃﺄﻃﺄﻭﺍ ﺭﺅﻭﺳﻬﻢ ﻭﻟﻢ ﻳﻨﺒﺴﻮﺍ ﺑﺒﻨﺖ ﺷﻔﺔ ﺧﺠﻠﻴﻦ ﻣﺬﻟﻮﻟﻴﻦ ، ﻋﻨﺪﻫﺎ ﺧﻔﺾ ﺳَﻮْﻃﻪ ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻪ : ﻣﺎ ﻫﻮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻭﺍﺀ؟

ﻓﺄﺟﺎﺑﻪ ﺍﻟﻤﺰﺍﺭﻉ:

-ﺍﻟﺰﻛﺎﺓ ـ ﺳﻴﺪﻱ .. ﺇﻧﻲ ﺃﺗﺼﺪَّﻕ ﺑﻌﺸْﺮ ﻣﺤﺼﻮﻟﻲ ﺳﻨﻮﻳﺎً ﻃﻮﺍﻝ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﻓﺤﻔﻈﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻲ

ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﺍﻟﻀﺎﺑﻂ متعجباً:

-ﻣﺎﺫﺍ ﺗﻘﻮﻝ ؟

ﻓﻜﺮّﺭ صاحب البستان قوله:

-ﺍﻟﺰﻛﺎﺓ ، ﺳﻴﺪﻱ .

ﻭﻫﻨﺎ ﺧﺎﻃﺐ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﺒﺴﺘﺎﻥ ﻗﺎﺋﻼً:

-ﻭﻫﻞ ﻳﻔﻬﻢ ﺍﻟﺠﺮﺍﺩ ﻭﻳﻤﻴِّﺰ ﺑﻴﻦ ﺑﺴﺘﺎﻥ ﻣﺰﻛّﻰ ﻭﺁﺧﺮ ﻏﻴﺮ ﻣﺰﻛّﻰ؟

ﻓﺄﺟﺎﺑﻪ:

-ﺟﺮِّﺏ ، ﻭﺃﻟﻖِ ﺍﻟﺠﺮﺍﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺰﺭﻉ .

ﻋﻨﺪﻫﺎ ﻗﻔﺰ ﺍﻟﻀﺎﺑﻂ ﻣﻦ ﺻﻬﻮﺓ ﺣﺼﺎﻧﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﺑﻬﻤّﺔ ﻭﻧﺸﺎﻁ ﻭطلب من جنوده أن يحضروا له جمعاً ﻛﺒﻴﺮﺍً ﻣﻦ ﺍﻟﺠﺮﺍﺩ ﻣﻦ ﺍﻷﺭﺽ ، ﻭحينما أحضروها قاموا بإلقاءها ﻓﻲ بستان الرجل ﻭﺇﺫﺍ ﺑﺎﻟﺠﺮﺍﺩ ﻳﺮﺗﻄﻢ ﺑﺄﺭﺽ ﺍﻟﺒﺴﺘﺎﻥ ﻭﺯﺭﻋﻪ ﻗﺎﻓﺰﺍً ﺑﺠﻨﺎﺣﻪ ﻣﺮﺗﺪﺍً بشكل قهقري ﺧﺎﺭجاً من بستان الرجل حتى ﻟﻢ ﺗﺒﻖَ ﺟﺮﺍﺩﺓ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺴﺘﺎﻥ .. كرر الضابط هذا الفعل ﺛﻼﺙ ﻣﺮﺍﺕ ، ﻭﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺮﺓ ﻳﻌﻮﺩ ﺍﻟﺠﺮﺍﺩ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺃﺗﻰ ﻭﻛﺄﻧﻪ ﺍﺻﻄﺪﻡ ﺑﺠﺪﺍﺭ ﻣﻨﻴﻊ ﺃﻭ ﺑﻨﺎﺭ ﻣﺤﺮﻗﺔ تقذفه منها بقوه ﺧﺎﺭﺝ ﺍﻟﺒﺴﺘﺎﻥ !

ﻭﻫﻨﺎ تمتم الجمهره من الناس الحاضرين ﺣﺪﻳﺚ ﺍﻟﻤﺼﻄﻔﻰ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: " ﺣﺼِّﻨﻮﺍ ﺃﻣﻮﺍﻟﻜﻢ ﺑﺎﻟﺰﻛﺎﺓ "

 


المصدر: شبكة الإنترنت

تقاسمها على

الاطلاع على قصص اخرى من

قصص وعبر من جميع الاصناف تحاكي الروح وتبث الهمم.

4 استجابة

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ عن التركيز على الشكل

محمد علي

قبل 2680أيام
هل انا الوحيد المعجب بالقصة؟

 

قبل 2680أيام
لا انا ايضا معجب بها

محمد علي

قبل 2680أيام
هل يوجد مشجعين لهذه القصة؟

 

محمد علي

قبل 2680أيام
شكرا علي القصة الرائعة

 

ما رايك

اكتب اسمك هنا
كتابة البريد الالكترونى الخاص بك
اكتب تعليقاتك
لن يتم نشر بريدك الالكترونى

أكتب قصتك الان

اكتب قصصاً عشتها أوسمعت عنها. اكتشف عالماً من القصص والعبر. شارك حكايا الروح.

ابدا الان ←