قفزة مرتدة

مقروءة (نص)
نشرت منذ 2330 يوم - الفئة : حدثت
344 0

إدارة الموقع

كنت قبل عشر سنوات أعمل حارساً في أحد المصانع بمدينة الطائف، وجاءتني رسالة من باكستان بأن والدتي في حالة خطره ويلزم اجراء عملية لزرع كلية لها، وتكلفة العملية سبعة آلاف ريال سعودي...  ولم يكن عندي سوى ألف ريال سعودي، وسألت من حولي فلم أجد أحداً يمكنه إقراضي هذا المال ثم توجهت للمسؤولين في المصنع الذي أعمل به لطلب سلفة إلا أنهم رفضوا

 

ضاقت علي الدنيا حينها ثم اشتدت وطأة هذا الأمر على نفسي حينما أخبرني أهلي في باكستان بتفاقم مرض والدتي وانها عرضة للموت إذا لم تجر لها العملية خلال أسبوع .. فظللت ابكي طوال ذاك اليوم الكئيب وانا لا حيلة لدي لإنقاذ والدتي التي ربتني وسهرت علي

 

في اليوم التالي وأنا في أبلغ لحظات يأسي، خطر ببالي أن أسرق أحد المنازل المجاورة للمصنع الذي أعمل به وفعلا قفزت من على سور أحد المنازل الساعة الثانية ليلاً وأخذت أتجول في باحة المنزل لأبحث عن مدخل يوصلني لداخل البيت ، إلا أنه لم تمضي سوى دقائق معدودة لأتفاجيء برجال من الشرطة يمسكون بي جاريني لخارج المنزل ثم رموني في داخل سيارتهم من الخلف، هنا أيقنت هلاكي وهلاك والدتي واستسلمت لمصيري بيأس شديد.

 

وصلت لمخفر الشرطة قبل بزوغ شمس ذلك اليوم فأدخلني الشرطي إلى غرفة الإحتجاز على أن يتم التحقيق معي مع بداية يوم العمل التالي.

 

استلقيت على أحد أركان الغرفة وأغمضت عيناي محاولا تهدئة روعتي لما حدث لي وقبل أذان الفجر بدقائق، دخل علي رجال الشرطة وجروني إلى عربة الشرطة يراودني شعور المحكوم عليه بالإعدام. وبعد قطع مسافة عدة كيلومترات، اندهشت لرؤية نفس المنزل الذي كنت أنوي سرقته واستغربت بشده لإنصراف رجال الشرطة ببساطة بعد أن أدخلوني لقاعة مجلس ذلك المنزل ..

 

بعدها بلحظات ، دخل أحد الشباب حاملا بيديه صينية عليها بعض الطعام، وقال:

  • كل بسم الله.

     

    لم أصدق أذناي وعيناي مما أنا فيه. وعندما أذن الفجر ، طلب مني الشاب أن أتوضأ للصلاة ولم تزل عني مشاعر الخوف والترقب مما قد يحصل لي. وبعد أن توضأت، فإذا برجل كبير السن مرتدياً بشتاً يقوده أحد الشباب يدخل علي المجلس ، توجه نوحي ثم أمسك يدي لمصافحتي وخاطبني قائلاً :

  • هل أكلت؟
  • قلت له: نعم

     

    ثم أمسك بيدي اليمنى وأخذني معه للمسجد وصلينا الفجر. وبعدها رأيت الرجل المسن الذي أمسك بيدي يجلس على الكرسي القابع بمقدمة المسجد، ثم التف حوله المصلون وكثير من الطلاب، فأخذ الشيخ يتكلم ويخطب بينهم وهم يستمعون اليه بإنصات شديد. عندها وضعت يدي على قلبي وأنا كلي إحساس بالخجل والعار

     

    يا الله ماذا فعلت؟ لقد أقدمت على سرقة منزل الشيخ بن باز بين كل المنازل! يا لخيبتي وعاري. الشيخ بن باز أسم معروف لدينا بباكستان ولكن لم تتح لي الفرصة أبداً لرؤيته أثناء فترة عملي في السعودية.

     

    بعد فراغ الشيخ من الدرس، أخذوني للمنزل مرة أخرى، وأمسك الشيخ بيدي وتناولنا الإفطار بحضور عدد من الشباب، وأجلسني الشيخ بجواره، وأثناء الأكل، قال لي الشيخ: ما اسمك؟ قلت له مرتضى. قال لي: لم سرقت؟ 

     

    فأخبرته بالقصة.. فقال:

  • حسناً سنعطيك تسعة آلاف ريال. قلت له: المطلوب سبعة آلاف!! 

     

    قال الباقي: مصروف لك، ولكن لا تعاود السرقة مرة أخرى يا ولدي. فأخذت المال غير مصدقاً لما يجري لي وشكرته ودعوت له. وسافرت لباكستان فوراً ثم أجرت والدتي العملية وتعافت بحمد الله.

     

    بعد مضي خمسة شهور، عدت للسعودية وتوجهت للرياض أبحث عن الشيخ، وذهبت إليه بمنزله فعرفته بنفسي وعرفني، وسألني عن والدتي وأعطيته مبلغ 1500 ريال، فقال:

  • ما هذا؟
  • قلت: الباقي..
  • فقال: هو لك!!
  • ثم قلت للشيخ: يا شيخ لي طلب عندك؟
  • فقال: ما هو يا ولدي؟
  • قلت: أريد أن اعمل عندك خادما أو أي شيء

     

    وأخذت أرجوه بشده بألا يرد طلبي. ثم قال:

  • حسناً أنا موافق

     

    وبالفعل أصبحت أعمل بمنزل الشيخ بن باز حتى وفاته رحمه الله.. 

     

    بعد مضي زمن من عملي مع الشيخ رحمة الله ، أخبرني أحد الشباب المقربين من الشيخ عن ما حدث أثناء قفزتي من على سور منزل الشيخ قائلاً:

  • أتعرف أنك عندما قفزت، كان الشيخ يصلي الليل، وسمع صوتاً صادراً من حوش منزله فضغط على الجرس الذي يستخدمه الشيخ لإيقاظ أهل بيته للصلوات المفروضة. فاستيقظوا جميعاً واستغربوا منه ذلك ، فأخبرهم أنه سمع صوتا خارج المنزل فقاموا بإبلاغ الشرطة فوراً التي حضرت في دقائق معدودة وأمسكوا بك

     

    بعد أن اقتادتك الشرطة ، سأل عنك الشيخ قائلاً: 

  • ما الخبر؟
  • قالوا له: لص حاول سرقة منزلك واقتادته الشرطة إلى المخفر،
  • فقال الشيخ غاضباً: لا ، لا هاتوه الآن من مخفر الشرطة! أكيد ما سرق إلا وهو محتاج!

الاطلاع على قصص اخرى من

قصص وعبر من جميع الاصناف تحاكي الروح وتبث الهمم.

دعوة أب

إدارة الموقع

ذكاء راعي

إدارة الموقع

خلك على البساطة

إدارة الموقع

خارج الصف

إدارة الموقع

حلقان أمي

إدارة الموقع

تاجر مجوهرات

إدارة الموقع

استكشاف القصص ←

دعوة أب

إدارة الموقع

ذكاء راعي

إدارة الموقع

خلك على البساطة

إدارة الموقع

خارج الصف

إدارة الموقع

حلقان أمي

إدارة الموقع

تاجر مجوهرات

إدارة الموقع

اكتشف المزيد ←

0 استجابة

هناك حقيقة مثبتة منذ زمن طويل وهي أن المحتوى المقروء لصفحة ما سيلهي القارئ عن التركيز على الشكل

ما رايك

اكتب اسمك هنا
كتابة البريد الالكترونى الخاص بك
اكتب تعليقاتك
لن يتم نشر بريدك الالكترونى

أكتب قصتك الان

اكتب قصصاً عشتها أوسمعت عنها. اكتشف عالماً من القصص والعبر. شارك حكايا الروح.

ابدا الان ←