حصل في أحد الأعوام أن مجموعة من الطلاب من الشرقيه قاموا بالتسجيل في أحد الجامعات بالمملكة وهناك اتخذو من إحدى القرى القريبة من جامعتهم مسكنا لهم ..
أخذ الطلاب يترددون على الجامعة وفي نهاية العطلة الأسبوعية يعودون إلى مدينتهم للسلام على أهاليهم، وبينما كان أحد الطلاب يتجول في القرية لفت انتباهه امرأة كبيرة في السن ، ترعى غنمها في الصباح لتعود إلى منزلها المتواضع في المساء ، فرق حاله عليها وسأل أهل القرية عنها فأجابوه أنها هكذا كل يوم تذهب بغنمها لترعى في الخلاء وفي المساء تعود..
ثم سألهم: أين أولادها فأجابوه بأنها ليس لها أحد في هذة الدنيا أبداً.. عندها سكت الطالب وذهب ، لكن أمر العجوز شغل باله..
وفي يوم من الأيام ، شاهدها من بعيد فاقترب منها ليحدثها .. سلم عليها فردت السلام وسألها عن حالها:
- أجابت : أنْ ليس لي أحداً في هذه الدنيا
وأخذا يتجاذبان الأحاديث فسألها عن أمنيتها في هذه الدنيا
- أجابت :أتمنى أن أرى الحرم المكي والمدني وأن أقوم بتأدية فريضة الحج والعمرة..لكن لا أستطيع ذلك لأنه ليس لي محرم يسافر معي!!
ذهب الطالب وأخذ يفكر بأمرها وما تريده من هذه الدنيا سوى العمرة والحج .. حينها أتته فكرة بأن يتزوج العجوز ومن ثم يذهب بها للحج والعمرة وإذا عاد طلقها وبذلك يكون قد حقق لها أمنيتها
وفي الصباح ذهب لأحد المشايخ ليخبره بما أراد فعله، أجابه بأنه عين الصواب وطلب منه أن يخبر العجوز بعزمه فإن وافقت أتمم لهما الزواج..
ذهب الطالب إلى العجوز وطرح عليها الفكرة فأجابته بأنها موافقة على عرضه ثم تم عقد قران الطالب على العجوز وحينما اقترب موسم الحج، ذهب بها إلى مكة والمدينة وتركها حتى طابت نفسها فأدت فريضة الحج والعمرة ثم أعادها إلى القرية وعندها أبلغها بإنتهاء مهمته وعزمه على تطليقها ، فقالت له:
- دعني على ذمتك واذهب حيثما شئت، لا عليك
فوافق الطالب على ما تريد وتركها .. وبعد سنوات، أنهى الطالب دراسته في هذه المدينة وحينما أراد أن يرحل إلى مدينته ،أخبر العجوز بأنه راحل إلى مدينته دون عودة وأنه يريد أن يطلقها فأجابته مره أخرى بأن لا يفعل وانه في حل منها وقالت له:
- اذهب حيثما شئت،
- فقال لها: لن احضر إلى هذه المدينة أبدا،
- قالت: حسنا، رضيت بذلك لكن لا تطلقني
ذهب الطالب إلى مدينته دون نية العودة ووفى برغبة العجوز فلم يطلقها .. مكث في مدينته مدة من الزمن وفي إحدى جلساته مع أصدقاؤه، مازحه أصدقاؤه بسؤالهم عن زوجته العجوز، فأخبرهم بأنه لا يدري عن أمرها شيئا طوال المدة التي مضت بعد رجوعه، وحينها قرر أن يزور العجوز ليتفقد أحوالها ..
ثم ذهب للقرية وسأل عن العجوز حال وصوله، فضحك منه السكان وأجابوه بأنها قد ماتت !! شعر بالحزن والشفقة عليها و ندم كثيرا لعدم السؤال عنها كل تلك المدة .. ثم أشار اليه الناس بالذهاب لمنزلها المتواضع لأخذ ما تبقى من أغراضها والتصدق بها .. وحينما دخل المنزل ، وجد الشاب بين أغراضها بقشة صغيرة (صرة من الثياب) تحتوي على ثياب وأغراض متفرقة وبينما هو يتأمل ما فيها بحزن إذ بورقة صغيرة تسقط بين يديه وقد تم طيها بقوة ، فقام الشاب بفتحها ليرى مافيها ليتفاجأ بأنها وصيه له وفيها صك لأرض ورثتها العجوز من ابن عمها!!
استبشر الشاب خيرا وتهلل وجهه. خرج من القرية متجها نحو مدينة "جدة" التي يوجد عليها موقع الأرض التي أوصت له العجوز بملكيتها، وحينما وصل لجدة ، كانت المفاجأة الأغرب ، فموقع الأرض لم يكن بعيدا عن المدينة بل على العكس ، كان بمحاذاة شاطئ جدة .. أجمل شواطيء المملكة !!
أخذ الشاب الصك وذهب لبيعه وبالفعل باعه بعدة ملايين من الريالات ليعود إلى أصدقائه وكله عزة وفخر بما فعله مع تلك العجوز المسكينة وما فعلته العجوز معه نظير لطفه بها أواخر عمرها .