دخل استشاري جراحة الدماغ د. سعيد القحطاني إلى مستشفى عسير المركزي بعد أن تم استدعاؤه على عجل لإجراء عملية فورية لأحد المرضى .. لبى النداء بأسرع مايمكن ، وحضر إلى المستشفى، وبدل ثيابه واغتسل استعدادا لإجراء العملية .
قبل أن يدخل إلى غرفة العمليات وجد والد المريض يذرع الممر جيئة وذهابا وعلامات الغضب بادية على وجهه وما إن رأى الطبيب حتى صرخ في وجهه قائلا :
- علام كل التأخير يادكتور ؟
- ألا تدرك أن حياة ابني في خطر ؟
- أليس لديك أي إحساس بالمسؤولية ؟
ابتسم الطبيب برفق وقال :
- أنا آسف يا أخي فلم أكن في المستشفى، وقد حضرت حالما تلقيت النداء وبأسرع مايمكنني، والآن أرجو أن تهدأ وتدعني أقوم بعملي، وكن على ثقة بأن ابنك سيكون في رعاية الله و بأيدي أمينة .
لم تهدأ ثورة اﻷب وقال للطبيب :
- أهدأ ؟ ما أبردك يا أخي، لو كانت حياة ابنك على المحك هل كنت ستهدأ؟ سامحك الله.
- ماذا لو مات ولدك، ماذا ستفعل؟
ابتسم الطبيب وقال :
- أقول قوله تعالى: ((الذِين إذا أصابتهم مصيبَة قالوا إِنا لِلّهِ وإِنَـا إِليهِ راجعون)).. وهل للمؤمن غيرها ؟
يا أخي، الطبيب لايطيل عمرا ولايقصره.. واﻷعمار بيد الله .. ونحن سنبذل كل جهدنا لإنقاذه، ولكن الوضع خطير جدا ، وأن حصل شيء فيجب أن تقول: إنا لله وإنا أليه راجعون، اتق الله واذهب إلى مصلى المستشفى وصل وادع الله أن ينجي ولدك .
هز الأب كتفه ساخرا وقال :
- ما أسهل الموعظة عندما تمس شخصا آخر لايمت لك بصلة .!
دخل الطبيب إلى غرفة العمليات واستغرقت العملية عدة ساعات..
خرج بعدها الطبيب على عجل وقال لوالد المريض :
- أبشر يا أخي فقد نجحت العملية تماما، والحمد لله، سيكون ابنك بخير والآن اعذرني فيجب أن أسرع بالذهاب فورا وستشرح لك الممرضة الحالة بالتفصيل.
حاول الأب أن يوجه للطبيب أسئلة أخرى ولكنه انصرف على عجل..
انتظر الأب دقائق حتى خرج ابنه من غرفة العمليات ومعه الممرضة ، فقال لها الأب :
- ما بال هذا الطبيب المغرور؟! لم ينتظر حتى دقائق لأسأله عن تفاصيل حالة ولدي؟
عندها، التفتت اليه الممرضة قائلة بنبرات حزينة وعيون دامعة :
- لقد توفي ابن الدكتور سعيد يوم أمس إثر حادثة، وقد كان يستعد لمراسم دفن ولده عندما اتصلنا به للحضور فورا لأننا لم نجد جراحا غيره لإنقاذ ولدك.. وفعلا لبى الدكتور سعيد النداء دون تأخر تاركا حزنه على ولده كي ينقذ حياة ولدك!!!
المصدر: منقول عن بدر القحطاني ، مستشفى عسير